هناك من المواقف والذكريات ما تهتم أن تبقيها غضة نضرة في قلبك، وهناك من الآفات القلبية ما تود أن تبتلعك الأرض كلما تذكرتها.

كتاباتي هي الجسر الذي يربطني بالحياة. في كثير من الأحيان أشعر أن الله منحني تلك الموهبة لأحيا بها ومن خلالها. 

في عام ٢٠١٣ كتبت: "لا تحكموا على البيوت القديمة من أبوابها الخارجية

أحيانًا خلف الأبواب القديمة تصادف أرواح من ذهب". كنت أتحدث عن القلوب ومعاناتها!

تقودني تلك الكلمات للحديث عن اللطف.

منذ سنوات طويلة وأنا أدرك أنني شخص لا ينسى. لا أنسى كلمة طيبة أو سيئة، لا أنسى شعور جميل مريح أنار ضباب قلبي. لم أنسى من تجاوز في حقي، ولم أنسى من أشعرني بالوحشة، لم أنسى مئات المواقف وآلاف الأفراح والأوجاع.

قد أكون قد تجاوزت الكثير منها ولكنها بالقطع كانت عالقة في روحي لا تغادرني. 

أصبحت مثقلة القلب أجر ذكرياتي خلفي حتى كادت أن تفتك بي.

عندي قدرة مرعبة على اجترار المشاعر الإيجابية والسلبية وإعادة إحيائها مرة أخرى بلا سبب حقيقي سوى تكرار ظهور أشخاصها أو إعادة تلك المشاهد مع أشخاص آخرين.

تلك شخصية مُرهقة للروح لأبعد الحدود. كنت أعيش لسنوات طويلة في حلقة مفرغة يومًا سعيدة ومشرقة وآخر تترفع السعادة على خطب ودي.

لقد كِدتُ أهْلَك!

فكان قراري بأن أتلطف. 

كان لابد من وقفة مع النفس فقد كانت سهام الغير تؤذيني وتتغذى على روحي. 

أخذت عدة قرارات كان لها فعل السحر في مقدرتي على مزاولة الحياة بهَوَادَة وامتنان.

 كان أولها أن استمتع بنعَمي الحاضرة ولا اكتفي بالنظر إليها، أن استمِع أكثر مما أتحدث، ألا أتألم أكثر من صاحب المعاناة، أن أقوم بتصنيف الأشخاص وفقا لحجم قلبهم وودهم الحقيقي وليس وفقًا لأمنياتي فيهم، أن أتعلم ترك الأشياء خلفي قليلا ففي كثير من الأحيان الحل يظهر من تلقاء نفسه. 

أؤمن أن هناك معضلات ستظل تؤلمني؛ رغم أن رأب الصدع أحيانا يكون واضح وضوح السماء، لكني اليوم أتقبل أن ليس كل الدواء سأتمكن من الحصول عليه.

جزء عظيم من إيمانك الحقيقي هو التجاوب مع أقدارك وتقبلها كما هي والتكيف عليها رغم أنها تكاد تكون عكس كل توقعاتك في الحياة.

أنت لا ترى ما وراء الأشياء؛ الله يفعل.

لم يصب قلبي العطب يومًا خوفًا على نفسي، كان الآخرون دائمًا هم محل اهتمامي وسر سعادتي.

الآن تغيرت، صرت أراني وأهتم لأمري وأتلطف بقلب أهلكته عن عمد وترصد.

لقد كان تحولا يستحق العناء. صرت أكثر هدوءا وأكثر قدرة على التعامل مع أحلامي وأحزاني وأمنياتي.

باب القصيد هو أن تتلطف بقلبك فتُحكِم قبضتك عليه. 

لقد كنت أتصور أن نِعَمي تدوم بجمال قلبي؛ هو صحيح ولكنه لا يكفي.

العقل والقلب هما قدميك الثابتة على الأرض. 

الإدراك الواعي لما يدور من حولك هو المكتسب الرشيد والآمر الحقيقي في توجيه مؤشر قلبك على بوصلة السعادة. 

الإنتباه وحضور العقل يصنع منظومة الحياة المريحة.

لا تقترب لو لم يرتاح عقلك، رتب أولوياتك بأن تظل في كثير من الأحيان تساند قلبك.

لا يكفيك للقيادة الجيدة أن تتبع قوانين المرور، هناك قواعد خفية تجيز لك المرور الآمن فالتقطتها وطبقها بلطف لضمان سلامة الوصول.

الرحمة واللطف عملة فاخرة يتداولها الأنقياء، والعالم يحتاج لكثير من المؤثرين وليس التابعين.

تلطف! فأنت أولى بحِنية قلبك، كن أول المبادرين بالرحمة الذكية والود المريح.

لم يذكر أحد أن ذلك الود واللطف حق مكتسب لغيرك. كن أول المستفيدين من حلاوة قلبك.

أحببتني اليوم أكثر من الأمس. فقد صرت هيّنة بذكاء قريبة بحذر، أحْفَظ المسافة الآمنة بين قلبي وعقلي ولا أتجاوزها.

أتعلم يا صديقي أن الفرق بين الصلاة وإقامة الصلاة هو حضور قلبك فيها.

تقديرك لذلك النهج في سبر أغوار دنياك كالفرق بين المحيا والممات.

لن تشعر بنبض الحياة داخلك وتزدان الدنيا لناظريك إلا إذا طوّعت عقلك بصلابة لمواجهة تقصيرك وعوار ذاتك. 

اليوم سقطت آلامي ومنغصات قلبي، أفلتها كلها دفعة واحدة، كما تسقط الرمال متسربة من بين راحتيك. ما خلّفَته الرمال المتبقية بين يدي أصبح من اليسير التخلص منها.

أعانني إيماني بأنه لابد في النهاية من بداية مشرقة، وخاتِمَة تليق بصمودك المشرف في الدنيا. ارحل بنفسك إليك وطبق بقوة وصبر حضورًا يليق بما بذلت في دنياك.

أنت تستحق أن تحيا بهدوء وأن تنعم بالسكينة وأن يكتنف قلبك الحبور. أنت تستحق أن تغدو نفسك بهية وأن يشرق قلبك كل صباح مرتقب أن يطل اللطف على قلبك بعُذُوبَة.

ربي أسألك وقاية اللطف في كل قضاء، وأسألك دوام اللطف في قلبي وأن يكون إرثي الباق في أبنائي وأحبابي يحجُبني وإياهم عن لظى الأيام.