يدهشك انقلاب رأى عبدالحليم حافظ فى بليغ حمدى- كان قد أطلق عليه مطلع الستينيات (أمل مصر فى الموسيقى)- ملحوظة: هذا التوصيف أطلقه الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوى على بليغ- فى النصف الثانى من الخمسينيات- إلا أنه صار ينسب لعبدالحليم، بليغ عام ١٩٧٦ قبل رحيله بعام واحد فقط، وصف بليغ بالأنانى ولم يعد ينعته بالأمل، حليم كان قد أرجأ تقديم لحن جديد لبليغ (هو اللى اختار) غناه هانى شاكر بعد رحيل حليم، محققا فشلا ذريعا، لو أردت رسم (بورتريه) بالكلمات لبليغ هل تعتمد على تلك المعلومة الموثقة صوتا وصورة، لا أعتقد أن تلك هى القناعة الحقيقية لعبدالحليم، لكنه وقع تحت تأثير حدة الغضب فأسرف فى الهجوم ضد بليغ.
المخرج صلاح أبوسيف والذى قدم لسعاد حسنى اثنين من أفضل أفلامها وأفلامه وأفلام السينما المصرية، (القاهرة ٣٠) و(الزوجة الثانية) إلا أنه أوقف التعامل معها نهائيا بعد فيلم (القادسية)، من إنتاج مؤسسة السينما العراقية، وروى كيف أنها لم تكن ملتزمة بمواعيد التصوير، وأنه عقابا لها حذف من دورها أكثر من مشهد، وأنها كانت تساوم الجهة المنتجة قبل بدء التصوير لمضاعفة أجرها، ووصل بها الحال أن تتدخل فى صميم عمله (الديكوباج)، تحديد زاوية تصوير اللقطة والحجم، أشار أبوسيف، بدون إفصاح، إلى أن زوجها فى تلك السنوات، المخرج على بدرخان، ربما هو الذى أوعز لها بالتمرد على صلاح، كما أنه ورطها فى المشاركة فى إنتاج عدد من الأفلام مثل (المتوحشة)، حققت من بعدها خسائر مادية، وأنه أراد مساعدتها ولهذا رشحها لـ(القادسية) فى دور صغير، وهى وافقت لتعويض خسائرها، كما أضاف أن الممثلة العراقية شذى سالم تفوقت عليها، وهذا أحد أيضا أسباب عدم رضائها عن الفيلم، وكان أبوسيف يتعمد أن يطلق على شذى فى الاستوديو نكاية أيضا فى سعاد (فاتن حمامة العراق)، هل من الممكن أن تتبنى رأيا صائبا عن سعاد بعيون صلاح أبوسيف؟.
كلنا نخضع لزاوية محددة من الرؤية وفى ظرف زمنى ونفسى ما، نصدر أحكاما متسرعة نعتبرها عين الصواب، رغم أنها ضد أى صواب.
تلك المقدمة لما أود أن أقوله طالت أكثر مما ينبغى، إلا أنها من الممكن أن تحمل الخيط لما أود أن أقوله، عن الجدل المثار حول تكريم الإعلامية الكبيرة والصديقة العزيزة سلمى الشماع، قبل أكثر من عامين كتبت على صفحتى مطالبا بضرورة تكريمها فى المهرجانات السينمائية، لأنها لعبت دورا حيويا فى طرح قضايانا عبر برنامجها (زووم)، القسط الأكبر منها لاتزال قضايانا، ونشرت لقطة جمعتنى مع سلمى- منتصف التسعينيات- فى (بينالى السينما العربية) الذى كان يقام بمعهد العالم العربى فى باريس، برئاسة الناقدة الدكتورة ماجدة واصف.
عدت قبل ساعات من مهرجان (كان) لأجد أن تكريم سلمى الشماع صار حقيقة، وصارت هى أيضا العنوان، هناك من يرى جدارتها، وآخرون لديهم رأى آخر وحكاية أخرى، تعتبر التكريم جاء لمن لا تستحق ووجدوها فرصة للنيل منها يوم فرحها.
لا أتشكك فى رواية أحد، ولا أملك أى دليل للتأكيد أو النفى، قناعتى أن توقيت تصفية الحسابات كان قاسيا، وأننا نرسم عادة بورتريه، مستندين إلى واقعة كنا طرفا فيها، لكنها لا تعبر بالضرورة عن الحقيقة المطلقة، فهى إطلالة مرتبطة بزاوية رؤية يمتزج فيها العام بالخاص، مبروك لسلمى الشماع، تلك قناعتى، ولا أعفى نفسى أيضا من امتزاج رؤية العام بالخاص، فأنا سعيد بتكريم سلمى التى أحببت طلتها وتفردها.
التعليقات